اسماء المصري عــــضو جديـــــد
عدد المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 20/11/2012
| موضوع: الصهيونية نتاج «الهسكالاة» وتحطيم جدران الجيتو اليهودي الأحد نوفمبر 25, 2012 2:37 am | |
| بقلم د.ابراهيم البحراوي ٣١/ ١٠/ ٢٠٠٦ المصري اليوم
تحت ضغوط عدد كبير من الأصدقاء المشتغلين بالفكر والكتابة أوجه قلمي، نحو مجال مهمل في الصحافة المصرية، وهو مجال المعرفة بتطور الفكر اليهودي والصهيوني، الذي ترك بصماته علي الحياة الحالية، في المجتمع الإسرائيلي والقادر علي تفسيرها. «الهسكالاة» كلمة عبرية تعني الثقافة أو التنوير
، وقد أطلقت الكلمة - لتكتسب قوة المصطلح الدال علي ظاهرة محددة - علي الحركة التي بادر إليها موشي مندلسون المفكر اليهودي الألماني «١٧٢٩ - ١٧٨٦»، وأطلق صيحتها الأولي عام ١٧٥٠ في أوروبا.. عندما نتأمل أفكار مندلسون ومن تبعه من مفكري الهسكالاة وأدبائها، سنجد أن نضال الحركة قد اتجه إلي تحطيم الأسوار الخارجية لـ«الجيتو»، وهو الحي اليهودي الذي كان اليهود يعتزلون فيه ويعيشون داخله في إطار يحبسهم عن الاتصال بالعالم الخارجي، وما يعتمل فيه من معارف وفلسفات وأفكار حديثة تتجاوز الشكل أو النمط الديني في ممارسة الحياة.
لم يكن مندلسون معادياً لجوهر القيم الدينية الأخلاقية، ولا للأفكار والعقائد الميتافيزيقية في الدين مثل أفكار الألوهية وخلود الروح، فلقد كان مندلسون يسلم بهذه المعتقدات، ولهذا أقدم علي ترجمة أسفار التوراة الخمسة إلي اللغة الألمانية.
كان نضال مندلسون متجهاً بالدرجة الأولي إلي تحطيم أسوار الجيتو ليصل ما بين الحياة اليهودية الخاملة والراكدة في إطار ديني، وبين التيار المتدفق للحياة الأوروبية عامة والألمانية علي نحو خاص، لم يكن مندلسون قادراً علي تحقيق هذا الهدف وتحطيم الأسوار الخارجية للجيتو، دون المرور بمرحلة سابقة، وهي مرحلة تحطيم النفوذ الذي يمارسه الكهنة والحاخامات علي الجماهير اليهودية، والذي يسيطرون من خلاله علي النفس اليهودية من داخلها عن طريق نظام التعليم الديني وحصار الطقوس الصادم المضروب علي أفكار الناس وسلوكهم، ومن أجل تحقيق هذا الهدف كان تركيز حركة الهسكالاة التي اكتسبت أنصاراً عديدين بين الكتاب والأدباء، منصباً علي ضرورة تغيير نظام التعليم الديني والمزج بينه وبين التعليم العصري القائم علي منجزات العقل في العلوم الطبيعية والإنسانية. كان من الطبيعي أن تنمو حركة الهسكالاة وأن تصل في النهاية إلي حد المجابهة الكاملة مع السلطة الكهنوتية وسيطرتها علي كل وجوه الحياة،
ولو شئنا أن ننتقي من مأثورات حركة الهسكالاة، مأثورة تعبر عن هذه المجابهة الشاملة، لفضّلنا مأثورة يهودا ليف جوردون، الشاعر المعبر عن أفكار الهسكالاة، وهي المأثورة التي وردت في نهاية قصيدته «استيقظ يا شعب»، التي كتبها عام ١٨٦٣، والتي يقول فيها مخاطباً اليهودي: «كن يهودياً في بيتك.. إنساناً خارج بيتك»، فهذه المأثورة تلخص جوانب المجابهة مع السلطة الدينية، حيث تكشف عن الهدف الرئيسي لحركة الهسكالاة، الذي يتمثل في تقليص نفوذ الكهنة ودفعه إلي الانحسار عن ممارسات اليهودي في جوانب الحياة المختلفة، وتحديد هذا النفوذ في نطاق الدور الأخلاقي والشعائري المحدود، الذي كان دور رجال الدين المسيحيين في أوروبا قد تلخص في إطاره، بعد سقوط سلطة الإقطاع والكنيسة علي الحياة الأوروبية، وبعد انفتاح الحياة الأوروبية علي آفاق المعرفة العقلانية من ناحية، وعلي أفكار الوحدة القومية من ناحية أخري.
عندما ظهرت حركة مندلسون كانت الحياة اليهودية الداخلية خاضعة لسلطة رجال الدين والكهنة، وما تفرضه هذه السلطة من مسالك للحياة وأنماط لسلوك الإنسان اليهودي، بدءاً من نوع الطعام والتصرفات ورؤية النفس ورؤية العالم الخارجي ورؤية المستقبل، وانتهاء بتنظيم حياة الأسرة اليهودية والعلاقات الزوجية داخلها، كانت النظرة العامة التي تمليها هذه السلطة هي نظرة خوف وتوجس من الأوروبيين «الجويم» أي الغرباء الأجانب غير اليهود، وحض علي تجنب مخالطتهم أو تقليد عاداتهم أو أفكارهم، وكانت هذه النظرة نابعة من التقاليد التي أرساها الكهنة لإحكام سيطرتهم علي الجماهير، وهي نظرة تغذيها في الوقت نفسه مشاعر العداء المسيحي لليهود والكراهية لهم باعتبارهم ورثة وأبناء أولئك الذين ساعدوا الرومان علي صلب السيد المسيح.
كان المستقبل هو الآخر محكوماً بالتقاليد الدينية اليهودية، ولذلك فلقد كان الخلاص أو الانعتاق من حياة حواري الجيتو الضيقة القذرة والرطبة ذات الطابع الديني المتجهم المحكوم بكهنة يجمعون بين شهوة السيطرة وشهوات الجشع والطمع، خلاصاً مرتبطاً بالتقاليد والأفكار الدينية التي تجسدها عقيدة ظهور المسيح اليهودي المخلص الذي ستبعثه العناية الإلهية ليقود اليهود من حياة البؤس والمذلة في «الشتات» الأوروبي ليعود بهم إلي وضع الشعب المختار في الأرض المقدسة. في هذا الإطار الديني ظهرت وتبلورت ظاهرة المسحاء الدجالين الذين كان كل منهم يدعي أنه المسيح المرسل من السماء، ويبدو أن الجماهير كانت تعيش حالة يأس شديدة، وهو ما كان يدفعها إلي اتباع هؤلاء المسحاء والرحيل في مواكبهم إلي أن يثبت زيفهم.
لقد كانت الرؤية للخلاص من حياة الجيتو والنظرة للمستقبل معزولتين عن الأفكار العقلانية التي سادت الحياة في المدن المسيحية المحيطة بالجيتو اليهودي، وكان النجاح الذي حققته حركة الهسكالاة علي مدي يتجاوز القرن، ممثلاً في قيام الجماهير اليهودية بالتمرد علي سلطة الكهنة والخروج عن الأطر الضيقة التي قرروها للفكر والحياة، لقد خرج اليهود بأجسادهم وبعقولهم من أسوار الجيتو، وراحوا يتبنون الأنماط الجديدة في الحياة الأوروبية، من بينها نمط الفكر القومي الذي تحول عندهم إلي صورة الحركة الصهيونية العلمانية المتحررة من نظرة الخلاص الديني القائم علي انتظار المسيح القادم من السماء. | |
|
د: سامي الإمام المـــدير العـــام
عدد المساهمات : 103 تاريخ التسجيل : 16/08/2012 العمر : 71
| موضوع: شكر الإثنين نوفمبر 26, 2012 6:36 pm | |
|
شكرًا يا "أسماء" على نشرك مقال عن حركة التنوير اليهودية المعروفة بالهسكالاه, ولا شك في انها كانت ذات اثر كبير في بلورة الفكر الصهيوني الذي أدى في النهاية إلى احتلال فلسطين. وهى معلومات قيمة, جديرة بالإلمام بها ومعرفة جوانبها. شكرًا لك مرة ثانية. وننتظر المزيد. د. سامي الإمام ويمكنك زيارة صفحتي : اليهودية من مصادرها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
| |
|